كل ما يجب معرفته عن الحمل خارج الرحم

الحمل خارج الرحم: مفهومه، أسبابه، أعراضه، تشخيصه، وعلاجه

يعد الحمل خارج الرحم من الحالات الطبية النادرة التي تحدث عندما ينمو الجنين خارج تجويف الرحم، حيث يلتصق الجنين بأحد أعضاء الجهاز التناسلي الأنثوي الأخرى مثل قناة فالوب أو المبيض أو حتى في تجويف البطن. هذا الحمل يشكل تهديداً كبيراً لصحة الأم وقد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة إذا لم يتم تشخيصه وعلاجه في الوقت المناسب. في هذا المقال، سنتناول جميع جوانب الحمل خارج الرحم من حيث الأسباب والعوامل المساهمة فيه، والأعراض المصاحبة له، وطرق التشخيص والعلاج.

تعريف الحمل خارج الرحم

الحمل خارج الرحم، والذي يُعرف أيضًا بالحمل المنتبذ أو الحمل البوقي، يحدث عندما تنغرس البويضة المخصبة في مكان غير الرحم. عادة، يتم تخصيب البويضة في قناة فالوب، والتي هي الأنبوب الذي ينقل البويضة من المبيض إلى الرحم. في حالات الحمل خارج الرحم، تلتصق البويضة المخصبة بجدار قناة فالوب أو في مكان آخر غير الرحم.

إن الحمل خارج الرحم لا يمكن أن يستمر بشكل طبيعي، لأن المكان الذي ينغرس فيه الجنين ليس مجهزًا لتوفير الظروف اللازمة لنموه. هذا الحمل يسبب خطرًا كبيرًا للأم، لأن نمو الجنين في مكان غير طبيعي يؤدي إلى تدمير الأنسجة المحيطة، مما قد يسبب نزيفًا داخليًا قد يكون مهددًا للحياة في بعض الحالات.

أسباب الحمل خارج الرحم

هناك عدة عوامل قد تؤدي إلى حدوث الحمل خارج الرحم، بعضها يتعلق بتغيرات في التركيب التشريحي للأعضاء التناسلية الأنثوية أو خلل في العملية الطبيعية للانتقال من قناة فالوب إلى الرحم. من أبرز هذه الأسباب:

1. التهابات الحوض: تؤدي الالتهابات التي تصيب الأعضاء التناسلية الأنثوية مثل التهاب الحوض إلى تغيرات في الأنسجة والأعضاء التناسلية. يمكن أن تؤثر هذه الالتهابات على قناة فالوب وتسبب انسدادًا جزئيًا أو كاملًا، مما يمنع البويضة من الانتقال إلى الرحم.

2. الإصابات الجراحية السابقة: أي جراحة سابقة في منطقة الحوض أو الأعضاء التناسلية قد تؤدي إلى ندبات أو تغيرات في الأنسجة تؤثر على وظيفة قناة فالوب.

3. استخدام وسائل منع الحمل: بعض وسائل منع الحمل مثل اللولب قد تزيد من خطر الحمل خارج الرحم، رغم أن نسبة حدوث ذلك قليلة جدًا.

4. التاريخ العائلي: وجود حالات حمل خارج الرحم في العائلة قد يزيد من احتمالية حدوثها لدى النساء.

5. الاضطرابات الهرمونية: أي خلل في الهرمونات الجنسية الأنثوية قد يؤثر على حركة البويضة المخصبة داخل قناة فالوب ويزيد من احتمال حدوث الحمل خارج الرحم.

6. العمر: يزيد خطر الحمل خارج الرحم مع التقدم في العمر، خاصةً لدى النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 35 و 44 عامًا.

7. التدخين: تشير الدراسات إلى أن التدخين يمكن أن يؤثر على وظيفة الأنسجة في قناة فالوب ويزيد من احتمالية حدوث الحمل خارج الرحم.

8. استخدام تقنيات الإخصاب المساعد: النساء اللاتي يخضعن لعلاج الإخصاب في المختبر (IVF) هن أكثر عرضة للإصابة بحمل خارج الرحم.

أعراض الحمل خارج الرحم

عادة ما تبدأ أعراض الحمل خارج الرحم بعد بضعة أسابيع من غياب الدورة الشهرية. تبدأ المرأة في الشعور ببعض الأعراض التي قد تشبه أعراض الحمل الطبيعي، ولكن هناك بعض الأعراض التي تميز الحمل خارج الرحم:

1. ألم في الحوض أو البطن: يعد الألم في أحد جانبي الحوض من الأعراض الأكثر شيوعًا. قد يكون الألم حادًا أو مستمرًا ويزداد مع مرور الوقت.

2. نزيف مهبلي غير طبيعي: قد يحدث نزيف خفيف أو مهبلي غير طبيعي في الحمل خارج الرحم، وهو ما يختلف عن النزيف الناتج عن الدورة الشهرية.

3. آلام في الكتف: في بعض الحالات، قد تشعر المرأة بآلام في الكتف نتيجة للنزيف الداخلي الذي يحدث نتيجة انفجار الحمل خارج الرحم.

4. دوار أو إغماء: يمكن أن يصاحب الحمل خارج الرحم الشعور بالدوار أو الإغماء، وهو ما يحدث نتيجة للنزيف الداخلي الكبير.

5. غثيان وقيء: كما هو الحال في الحمل الطبيعي، قد تشعر المرأة بالغثيان أو القيء، لكن هذه الأعراض يمكن أن تكون أيضًا نتيجة لتسمم الدم بسبب النزيف.

6. شعور عام بالضعف: يحدث شعور بالضعف العام نتيجة للعديد من العوامل مثل النزيف أو التسمم الداخلي.

تشخيص الحمل خارج الرحم

تشخيص الحمل خارج الرحم يتطلب تقييمًا دقيقًا من قبل الطبيب باستخدام مجموعة من الفحوصات الطبية. بعض الوسائل المتبعة لتشخيص هذا النوع من الحمل تشمل:

1. الفحص السريري: يتضمن فحص الحوض من قبل الطبيب لتحديد مكان الألم أو التورم في الحوض.

2. اختبار الحمل: يمكن أن يُظهر اختبار الحمل وجود هرمون الحمل (HCG) في البول أو الدم. لكن في حالة الحمل خارج الرحم، قد تكون مستويات هرمون الحمل أقل من المعتاد في الحمل الطبيعي.

3. التصوير بالموجات فوق الصوتية (السونار): يعد الفحص بالموجات فوق الصوتية من أهم وسائل تشخيص الحمل خارج الرحم. يمكن أن يظهر السونار مكان وجود الجنين، وإذا كان في قناة فالوب أو خارج الرحم.

4. فحص الدم: يمكن أن يُجري الطبيب تحليلًا لقياس مستويات هرمون الحمل (HCG) في الدم، حيث أن هذه المستويات قد تكون غير طبيعية في الحمل خارج الرحم.

5. التصوير بالرنين المغناطيسي: في بعض الحالات، قد يُستخدم التصوير بالرنين المغناطيسي للكشف عن الحمل خارج الرحم.

علاج الحمل خارج الرحم

علاج الحمل خارج الرحم يعتمد على عدة عوامل مثل حجم الحمل، مكانه، ومرحلة تطوره. الهدف الأساسي هو إزالة الجنين في أقرب وقت ممكن لحماية صحة الأم ومنع المضاعفات. الخيارات العلاجية تشمل:

1. الأدوية: في بعض الحالات، يمكن استخدام الأدوية مثل الميثوتركسات لإيقاف نمو الخلايا الجنينية. هذا العلاج يكون مناسبًا عندما يكون الحمل خارج الرحم في مرحلة مبكرة ولا يسبب نزيفًا كبيرًا.

2. الجراحة: في الحالات الأكثر تقدمًا أو إذا كانت هناك مضاعفات مثل النزيف الداخلي، قد يتطلب الأمر إجراء جراحة لإزالة الحمل. في بعض الحالات، قد يتم إزالة قناة فالوب المصابة إذا كانت قد تضررت بشكل كبير.

3. المتابعة الطبية: بعد العلاج، من المهم متابعة مستويات هرمون الحمل (HCG) لضمان عدم وجود أنسجة حية في الجسم. قد تستمر المرأة في إجراء فحوصات منتظمة للتأكد من الشفاء الكامل.

المخاطر والمضاعفات

من أبرز المخاطر التي يمكن أن تصاحب الحمل خارج الرحم:

• النزيف الداخلي: إذا انفجر الحمل خارج الرحم في قناة فالوب أو أي مكان آخر، قد يحدث نزيف داخلي شديد يمكن أن يؤدي إلى صدمة نزفية تهدد الحياة.

• الإصابة بالعقم: في بعض الحالات، قد يتسبب الحمل خارج الرحم في تلف الأنسجة في قناة فالوب، مما يزيد من احتمال العقم.

• مشاكل صحية طويلة الأمد: قد يعاني بعض النساء من مشاكل صحية على المدى الطويل بعد حدوث حمل خارج الرحم، مثل الألم المزمن أو القلق النفسي.

الخلاصة

الحمل خارج الرحم هو حالة طبية خطيرة تتطلب تدخلًا سريعًا لتجنب المضاعفات الصحية الخطيرة. بالرغم من أنه يمكن أن يحدث لأي امرأة، فإن هناك عوامل تزيد من خطره، مثل التهابات الحوض، واستخدام وسائل منع الحمل، وبعض العوامل الوراثية. تشخيص هذه الحالة يتطلب الفحص الدقيق والتصوير الطبي، ويتم العلاج إما بالأدوية أو الجراحة حسب حالة المرأة. من الضروري متابعة الحالة بعد العلاج لضمان الشفاء التام والوقاية من المضاعفات المستقبلية.